الثلاثاء، 14 يوليو 2009




تقع صفورية في الجهة الشمالية الغربية لمدينة الناصرة على تله يبلغ ارتفاعها 110 م على الطريق الممتـّد بين شفاعمرو والناصرة، اسمها مشتق من الكلمة السريانية " صفرة " أي العصفور، إشارة إلى التل الذي تجثم علية كالطير.
تعد منطقة صفورية إحدى بوابات الجليل الأدنى، ومدخله الطبيعي. وقد أكسبها موقعها الجغرافي وموضعها السهلي المنبسط أهمية كبرى منذ القدم. وكانت تسمى أيام الرومان "صفوريس"، وأحاطها هيرودوس انتيباس بسور منيع . وكانت خلال القرون المسيحية الأربعة الأولى، مركزاً لمقاطعة واسعة تضم القسم الغربي من الجليل الأدنى ..
كانت القرية مركزا إداريا للجليل بأسرة على زمن الرومان، بنا الصليبيون فيها قلعة سموها " لي سفوري " وقد جعلها
الفرنج عام118م قاعدة للدفاع، ونقطة لحشد جيوشهم أمام جيوش صلاح الدين الأيوبي الذي انتزعها من أيديهم بعد
معركة حطين سنة 1187 م.
في سنة 1745 شيد ظاهر العمر الزيداني قلعة على ذروة التل الذي يعلو عن صفورية، وقد بنيت كنيسة
القديسة حنة في القرية على أطلال كاتدرائية ضخمة تعود إلى أواخر القرن السادس للميلاد.
شيـّدت صفورية فوق منبسط من الأرض يرتفع 275م عن سطح الأرض. وهذا المنبسط جزء من سهل صفورية الذي يعد امتداداً جنوبياً لسهل البطوف الخصيب. ومساكن القرية من الحجر والإسمنت، ذات مخطط مستطيل، تتعامد شوارعها وتلتقي في وسط القرية التجاري. وكان نمو صفورية يتجه في الاتجاه الشمالي الغربي، والاتجاه الجنوبي الشرقي على حساب الأراضي الزراعية التي تحيط بها من جميع الجهات.

وكان في القرية مدارس للبنين والبنات بنيت في مرحلة مبكرة. كذلك كان فيها مجلس محلي أشرف على إدارة القرية وتطويرها
وقد بلغت مساحتها عام 1948 مائة ودونمين، أما مساحة أراضيها فكانت 55،378 دونماً. ويعد زيت الزيتون المحصول الرئيس للقرية، فقد احتلت أشجاره مساحة 3،270 دونماً من الأراضي الزراعية، وبلغ انتاج الدونم الواحد في منطقة صفورية رقماً قياسياً هو 125كغ. ويعود ذلك إلى خصوبة التربة، وتوافر المياه السطحية والجوفية المتمثلة في برك الخرّوب ومسند، وفي عيون صفورية كنبع القسطل.
كان عدد سكان القرية 2,582 نسمة. ونما العدد فوصل إلى 5020 نسمة عام 1948. وقد عمل معظم السكان في الزراعة. معظم سكانها كانوا من المسلمين، من أهم غلاتها الزيتون والبساتين المروية التي بلغت 2000 دونم وزرعت بالأشجار المثمرة والخضراوات . رويت هذه البساتين من ثلاثة مصادر مياه دائمة وهي: 1) المياه المجرورة من موقع رأس العين المعروف " بالقسطل ". 2) البئر المحلي والذي كان يعرف بالجابية . 3)الوديان مثل وادي الجلخ ووادي الخلادية . بساتين صفورية كانت تقسم إلى ستة مواقع وتعرف بكنايات وأسماء محددة هي : منطقة بير نصر , منطقة الخط الشمالي , منطقة الخط الجنوبي , منطقة الخلادية , منطقة الجلخ ومنطقة المشيرفة.
اعتبرت صفورية مسقط رأس عدد من العلماء العرب والمسلمين فقد نبغ من صفورية مجموعة كبيرة من الأعلام المشهورين في شتى ضروب المعرفة من فقه ولغة وحديث، منهم القضاة، الشعراء وعلماء الدين والمدرسون، منهم أبو البقاء الصفوري توفي سنة 1625م الذي كان ذائع الصيت وتسلم القضاء في صفد ومدن عدة، ومنهم أحمد الشريف المعروف أيضا بالصفوري الدمشقي توفي سنة 1633م وهو قاض وشاعر، ومنهم أيضًا ابن عبد الهادي البيضاوي، بدر الصفوري وغيرهم.
احتلال صفورية وتهجير سكانها كان في 16 تموز ( 15 رمضان ) سنة 1948 في سياق عملية ديكل التي بدأت في 9 تموز 1948 مباشرة بعد أن دخلت هدنة وقف إطلاق النار في الحرب حيز التنفيذ، وكانت العملية تهدف إلى الاستيلاء على سلسلة من القرى تقع على محور يمتد من الكابري شمالا حتى الناصرة .

وقد تمّ إحتلال صفورية على يد كتيبة مدرعة من لواء شيفع (7) وكتيبتي مشاة من لواء كرميلي (21) التي قصفت القرية بالطائرات مما أدّى إلى قتل العديد من المواطنين والمواشي وجرح الآخرين من سكانها .الأمر الذي أدى إلى مغادرة عدد كبير من أهالي القرية بأتجاة الشمال والمناطق المجاورة، جزء آخر من السكان بقي في القرية أو عاد إليها ومكثوا فيها حتى السابع من كانون الثاني 1949 حيث تم تحميلهم بالشاحنات وطردهم إلى عيلوط، الرينة وكفر كنا بعد أن منحوا الهويات الإسرائيلية في صفورية. أقيم على أراضي صفورية العديد من المستوطنات وهي : تسيبوري مكان صفويـّة البلد، هوشعيا مكان جبل الخرّوب، شمشيت مكان شمشي، حنتون مكان أرض البطّوف، سولليم مكان ظهرة حرب.
لقد تم تهجير %80 من سكـّان صفوريـّة من حدود فلسطين التاريخية، وهم الآن يتوزّعون على عدّة مخيّمات للاجئين في لبنان، مثل نهر البارد وعين الحلوة وشاتيلا، وفي سوريا في مخيم اليرموك। وقسم قليل آخر يتواجد في دول أخرى مختلفة في العالم. أمـّا من تبقى من أهل صفوريـّة، فيتوزّعون على عدّة قرى ومدن في الجليل، والتجمّع الأكبر لمهجّري صفوريـّة هو في حيّ الصفافرة في الناصرة حيث يقطن بالحيّ حوالي 14000 منهم، وقسم آخر في شفاعمرو، كفرمندا، عرّابة، الرينة، عكا، حيفا، نحف، وعيلوط، وقسم قليل منهم متواجد في مخيم جنين. لم يبق من القرية بعد تهجيرها سوى بعض المنازل , قلعة ظاهر العمر , دير القديسة حنة , بعض الآثار ومقبرة








عائدون ....باذن الله

;;